أقسام الوصول السريع ( مربع البحث )

دور تعريب المصطلحات في التفاعل مع الإنتاج العلمي الجديد

تعريب المصطلحات من القضايا المهمة في اللغة العربية خاصة لكليات الطب والعلوم

دور تعريب المصطلحات في التفاعل مع الإنتاج العلمي الجديد


    تعد قضية تعريب المصطلحات من أهم القضايا التي تحتاج إلى عناية واهتمام في اللغة العربية، وتعني- في عصرنا الحديث- نقل الكلمات الإنجليزية أو الفرنسية، أو غيرها مما يتوفر في الإنتاج العلمي الجديد، لكي تكون متاحة في الكليات العملية، ومنها الطب والعلوم.

وضع المصطلحات باللغة العربية:


    ينظر كثير من الناس إلى أن تعريب العلوم، نوع من التخلف والعودة إلى الوراء، وتُساق الحجج ضد هذا المسعى، ومن أهمها أنه يقطعنا عن التواصل مع الجديد في العلم على مستوى العالم.

    ويؤكد الواقع أن العكس هو الصحيح؛ فغياب هذا الأمر يجعل الاطلاع مقصورا على فئة محدودة، هم الباحثون الذين يواصلون قراءة المراجع الأجنبية، وتظل معارفهم حبيسة القاعات العلمية والأوراق المكتوبة باللغات الأخرى.

    ورغم أن معظم الإنتاج العلمي في العالم بالإنجليزية، إلا أن هناك جهودا بلغات غيرها، والاطلاع عليها يمكن أن يضيف جديدا إلى المعرفة، وإهمال المصطلحات قد يكون عائقا أمام نقلها إلى العربية.

أهمية المصطلحات في الواقع العملي:


    الطبيب يلتقي المرضى من ثقافات مختلفة، ولن يحدث التفاهم بين الطبيب والمريض بلغة أجنبية، إذ يشرح المترددون على العيادات الأعراض بكلماتهم التي يستخدمونها في حياتهم اليومية، ولو لم يفهم المعالج ما يقولون ويحدد التعبيرات المتداولة بين الناس بدقة فإنه يخطئ في التشخيص.


خطورة تلقي العلم بلغة أجنبية:


    يشير بحث أعدته الدكتورة وفاء كامل بالاشتراك مع د. عبدالحافظ حلمي، إلى أن من أخطر آثار هذا التوجُّه انفصال الخريجين عن مجتمعهم؛ لاختلاف قيم الجامعة، وهو ما ينتج عنه فريقان؛ أحدهما متمزق وساخط، والآخر مصاب بوهم التميز. ويضاف إلى هذا أنه يفقد القدرة على الإبداع والابتكار. (تعريب لغة التعليم العالي).

التخلص من كتابة المصطلحات حسب الهَوى:


    نشر المصطلحات باللغة العربية يحقق لها الذيوع ويسهم في القضاء على مشكلة التخبط في كتابتها بالعربية، خاصة في مجال الإعلام، إذ نجدها تكتب حسب الهوى في مقدمات ونهايات البرامج والأعمال الفنية، ومنها المسلسلات والأفلام والأغاني المصورة. وفي كثير من الأحيان تتوالى، بعضها مكتوب باللغة العربية وبالإنجليزية في مقدمة العمل الواحد أو نهايته. وهذا العيب ناتج إما عن عدم الاطلاع على الجهود السابقة في وضع هذه المصطلحات، أو غياب توفر ترجمة لها.

المصطلحات تزيد اللغة ثراء:


    يهدف الاهتمام بالمصطلحات إلى ضبط اللغة المستخدمة في التخصصات المختلفة، وبذلك لا يكون هناك اضطراب وتشتت، كما ينتج عن إهمالها أن تترسخ في الأذهان فكرة أن لغتنا غير متطورة وليست لديها القدرة على مواكبة العصر واستيعاب الجديد في العلم والحضارة.

    ودعم العربية بالمصطلحات واجب على العلماء المتخصصين في جميع المجالات، حتى تكون جديرة بالمكانة الدولية التي حظيت بها في واقعنا المعاصر، فهي إحدى اللغات الرسمية المعترف بها في الأمم المتحدة وعدد من المنظمات الدولية الأخرى. ويضاف إلى هذا، أنها تحتل المركز الخامس في عدد المتحدثين باللغة الأم.

حل مشكلة عدم توحيد المصطلحات:


    تقف مشكلة عدم توحيد المصطلحات عقبة أمام تعريب العلوم، فهناك ترجمات من أكثر من لغة، كما توجد العديد من الجهات التي تتولى وضعها، منها: المجامع اللغوية، والجامعات، والمؤلفون، والمترجمون، وهو ما أدى إلى التعدد للمفهوم الواحد، والاختلاف من بلد إلى آخر (د. علي القاسمي: مقدمة في علم المصطلح).

    ولحل هذه المشكلة، تقترح الدكتورة وفاء كامل إصدار معجم علمي عصري موحد ثلاثي اللغة (فرنسي، إنجليزي، عربي) في كل فروع العلم، يشارك في وضعه المتخصصون، وتساهم في تمويله الحكومات ، حتى تكون مشاركتها دافعا إلى فرض هذه المصطلحات في مناهجها الدراسية ودوائرها الحكومية ومؤسساتها العامة، وينتج عن هذا العمل الجماعي شيوعها بين الأدباء والإعلاميين.

    كما تقترح أن يتولى اتحاد المجامع اللغوية توحيد المصطلحات العلمية والحضارية بين أقطار الأمة العربية، مع تأسيس موقع إلكتروني مزود بالتقانات المناسبة؛ لتمكين المتخصصين من النقاش وتبادل وجهات النظر، وأن يتم تشكيل لجنة مركزية للتنسيق، تتكون من عضوين من كل مجمع عربي، وعضوين من مكتب التعريب بالرباط؛ لمراجعة ما تم إصداره (المصطلح العلمي بين الواقع والتوحيد).

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-